محليات

 

هناك مجالات عديدة تنتظر الدعاة إلى الله النشيطين في

مجالات التبليغ والتعليم الديني

 

 

إعـداد : الأستاذ كبير الدين فاران المظاهري

مدير المدرسة القادرية بـ(مسروالا) بـ(هماتشلا براديش) بالهند

تعريب:  الأخ محمد أجمل القاسمي

  

 

  

 

 

       الدعوةُ الموجَّهة من قِبل المدرسة القادرية الإسلامية بـ>مسروالا<>هماتشلا براديش< أتاحت لي أن أرى عالمًا جديدًا يقع على مسافة 50 كلومترًا في الشمال الغربي من دنيانا القديمة: الجامعة الإسلامية دارالعلوم/ ديوبند: أكبر المدارس الإسلامية الأهلية؛ حيث قمتُ بزيارة المدرسة القادرية. وبمناسبة حضوري إيّاها لاحظتُ في الطلبة من سليقة العيش والتأدب والانضباط ورأيتُ في الأساتذة من الإدارة والتنظيم ما يدعو للثناء والمدح حقًّا . إن أستاذنا فضيلة الشيخ وحيد الزمان الكيرانوي أستاذ الأدب العربي بجامعة دارالعلوم كان يقول: >إن مظهر الإنسان يدلّ على مخبره< . وبالمناسبة أقول لو زار فضيلتُه المدرسة لفرح كثيرًا وأشاد بها إشادة بالغة. تلك انطباعاتٌ عبّر عنها أديبُ العربية الكبير وكاتبها القدير فضيلة الشيخ نور عالم خليل الأميني رئيس تحرير مجلة >الداعي< العربية وأستاذ الأدب العربي بجامعة دارالعلوم/ ديوبند، لدى قيامه بتدشين المبنى الجديد للمدرسة المسمى بـ>دارالطعام< الذي أُنشِي علىطراز إسلامي، وزُيِّن بالرُخام الجميل، والذي يتوافر فيه جميعُ التسهيلات إلى جانب اتّساعه؛ حيث يستطيع الأساتذةُ والطلَبة جميعًا أن يتناولوا الطعام معًا.

       ولدى حديث فضيلته إلى الطلبة في الحفلة التي عُقِدتْ من قبل أعضاء النادي الأدبي للمدرسة على شرف قدومه وللترحيب به، قال فضيلة الشيخ الأميني – حفظه الله - : ما إن وضعتُ قدميّ في المدرسة حتى رأيتُ النظافةَ والانتظام في كل شيء، وشعرتُ بالحياة المنضبطة المصوغة في بوتقة النظام، المتمثلة في حياة كل من الأساتذة والطلبة، وبدا الإخلاص والنشاط ماثلين بين يديّ. وأُخِذتُ بالنظافة وحسنِ التنسيق وجودة النظام البادية للعيان في كل من المسجد والفصول الدراسية والأروقة. وباستثناء المدارس الإسلامية بمناطق ولاية غجرات الموفَّقة من قبل الله ما رأيتُ مثل هذا النظام والعناية إلا في اثنتين أو ثلاث مدارس من بين جميع مدارس ولايتي أترابراديش وبيهار. وأكّد – وهو يمضي في خطابه – أن المدارس الإسلامية أصحبتْ تشكِّل مضرب المثل في الفوضوية وعدم التقيد بالنظام، ترى معظم المساجد التي تسجد على أرضها جُبُن العبودية مغطّاة بالغبار الكثيف . إن كل ما قام به فضيلة الشيخ >كبير الدين فاران< مدير المدرسة صادرًا عن ذوقه السليم من بلورة ذوق النظافة وسليقة التعايش والانضباط إنما يُشكل نموذجًا جديرًا بالاحتداء بالنسبة لمدارس الولايتين: أترابراديش وبيهار. وأكّد فضيلته للطلبة أن يتخصّصوا في مادة من الموادّ الدراسية وأن يعيشوا حياة اجتماعية متقيدة بالنظام والانضباط، وأن يحرصوا على الإيثار والمواساة والتقدّم إلى الأمام، وقال: الطالب لايُعلّمه الأستاذ بل الطالب يتعلم بدوره هو، وأكّد لهم أن لايكتفوا ببذل جهد عاديّ بل عليهم أن يبذلوا الجهدَ يستطيعونه ، ويتمتعوا بالشعور بالمسؤولية وأداء كل وظيفة على المعياد إلى جانب استغلال الفُرَص المُتاحه. وضرب لهم مثلاً فضيلةَ الشيخ عبد الماجد الدريا آبادي الذي امتنع عن تناول الغداء طيلة نحو 40 عامًا لئلا يُضطر إلى القيلولة في الظهيرة التي تسبب ضياع وقته عليه .

       وأضاف فضيلته قائلاً: لابد للطلبة أن يجتهدوا بجانب التمني ، داعيًا إياهم إلى تجلية الباطن بجانب تنسيق الظاهر، مؤكّدًا لهم ألاّ يألوا جُهدًا في سبيل التعلّم؛ فإن كل ما يتعلمون اليوم من تحسين السيرة والسلوك سوف يبقون عليه ماداموا على قيد الحياة. قال فضيلته – حفظه الله – عندما يتعلم الرجل في المجتمع الصغير يسهل عليه أن يؤدي دوره في المجتمع الكبير. كما وصّاهم بالاهتمام البالغ بالدعاء والتضرع أمام الرب المستجيب إلى جانب التحرك وبذل الجهد .

       وفي حديثه إلى الأساتذة قال – حفظه الله ورعاه – أيها السادة ! أنتم تستحقون كل تقدير وترحيب إذ أنتم تعملون على نشر الرسالة المحمدية – على صاحبها أفضل سلام وأزكى تحية – فلا يغيبنّ عن بالكم أن هؤلاء الطلبة لديكم أمانة الأمة، فلا بد لكم أن تُخلِصوا في أداء هذه الأمانة، ولا يفوتنّكم أن تُجدّدوا نياتكم كل يوم حتى تستطيعوا استحضار هدفكم المنشود، وإلا فتهوي بكم النفس الأمّارة إلى هاوية الضلالة .

       وتعبيرًا عن انطباعاته عن المدرسة القادرية / مسروالا قال فضيلته – رعاه الله – إن المدرسةَ أحزرت تقدّمًا معنويًا وماديًا في سرعة مُدهِشة، وعادت مركزًا دينيًا وفكريًّا ودعويًا وثقافيًا في هذه المنطقة ولايزال يؤدي دوره الرائع في تحرّك ونشاط، ويمضي قدمًا إلى الأمام. وأضاف: إن مسجد المدرسة المُشرِق، الفسيح الجنبات، النافذ فيه الهواء ؛ يسترعي الأنظار، ويدلُّ على الذوق المعماري الرائع لمدير المدرسة، إذا يزورها أحد من المتمعين بالذوق الجميل يُعَجب بجمالها الفاتن، ويتأثـّر بأخلاق المدير الكريمة .

       واستطرد فضيلته قائلاً: إن الكتاتيب التي تسير تحت إشراف المدرسة القادرية تشكِّل سواقي تنزل في محيطها الوسيع، وتُمدها بمدد جديد نافع. ومن خلال هذه الكتاتيب المتناثرة يتصل المسلمون القاطنون بالسهول المرتفعة والمنخفضة بالدين ويعزّزون علاقتهم بالشريعة . وذلك هو الذي يشكِّل مكسبًا كبيرًا من مكاسب المدرسة . والحق إني ما كنتُ قدّرتُ أن تلك المواهب والامتيازاتِ والمؤهِّلات الموهوبه من قبل الله جل وعلا التي يحظى بها الشيخ >فاران< تُعطي ثمارها على هذا المستوى الكبير .

       وأردف قائلاً: إن هذه المدرسة استطاعت عن طريق إنشاء المساجد على قِمَم الجبال وسفوحها أن تقوم بإصلاح المسلمين، وتنضدَّهم في المرجعية الدينية. والحق أن هذه المنطقة خير مجال للدعاة المتألّمين والعلماء المخلصين والصلحاء المتذوّقين حرارةَ القلب، وهي لاتزال في انتظار عناياتهم واهتماماتهم . قبل الله جهود مؤسس المدرسة ومُديرها الذي ينفع الناس والعباد ، وطلاّبها الذين يتلقّون فيها التعاليم الإسلامية، ويوفقهم لخدمة الدين والعلم .

*  *  *

 

مجلة الداعي الشهرية الصادرة عن دار العلوم ديوبند ، الهند . ربيع الثاني 1428هـ = مايو  2007م ، العـدد : 4  ، السنـة : 31.